في تكريم الطبيب اللبناني الأصل الفرنسي الدكتور غبريال غريب لمناسبة إختياره من بين الأوائل في جراحة القلب في فرنسا، توجه نقيب الأطباء الدكتور أنطوان البستاني في كلمته إلى المكرم قائلاً: "علمت أنه لك ولي أربعة زملاء لبنانيين حازوا مثلك المراتب الأولى في إختصاصاتهم ولا يمكنني في هذه المناسبة إلا أن أذكرهم وهم: البروفسور إيلي فاضل في الجراحة العامة، الدكتور Alain Dolleac وترجمتها في العربية علي عبد الله، في البيولوجيا وطفل الأنبوب، الدكتور Elie Chouillard وترجمتها إيلي يحشوشي في جراحة الصدر أيضاً وأخيراً البروفسور كلود طراد في جراحة الجهاز الهضمي...".
الدكتور إيلي شويار - يحشوشي، احد هؤلاء الاطباء اللبنانيين اللامعين الذين يرفعون اسم لبنان، غادر لبنان واستقرّ في فرنسا، لكنه فخور جداً بلبنانيته "وببلدي الصغير المتألق دائماً، فأبناؤه، السيدات والرجال، متألقون جداً ويتبوأون مراكز عالية، ليس فقط في مجال الطب بل في مختلف المجالات"، كما يقول لـ"النهار"، التي تواصلت معه عبر البريد الالكتروني.
والدكتور شويار هو حالياً رئيس قسم الجراحة العامة والجهاز الهضمي في مستشفى بواسي - سان جرمان آن لاي في باريس (Poissy- Saint Germain- en – Laye)، وهو أيضاً رئيس الجمعية الدولية iNOELS (أي Intercontinental Natural Orifice, Endoscopic and Laporoscopic Surgery) التي تعنى بالجراحة بالمنظار، وتضمّ جرّاحين يلتزمون الابتكار التقني والجراحة من دون ندوب او جروح.
ابتكار تقني يعتمده في مجال الجراحة معترف به في كل أنحاء العالم، جعل مجلة CAPITAL تذكر اسمه من الأطباء الأوائل في عالم الطب الفرنسي. فهذه التقنية الجديدة التي يعتمدها حالياً "تقوم على اجراء اكثر العمليات الجراحية تعقيداً من دون جروح ظاهرة وبواسطة أدوات جراحية جديدة ومتجددة تحافظ على اعضاء الجسم كاملة من دون ألم أو مضاعفات متعلقة بالجروح الكبيرة. هذه التقنية الجديدة اسمها: NOTES (Natural Orifice Transluminal Endoscopic Surgery)، وهناك تقنية اخرى اسمها Single Port Laporoscopic Surgery تقوم على اجراء كل عمليات البطن من خلال الصرّة مع جراحة تجميلية للصرّة كي لا تُرى الجروح اطلاقاً. العمليات التي يمكن اجراؤها من خلال الصرّة عديدة، مثل كل انواع جراحة السمنة، كل جراحات السرطانات المعوية والمعدية، كل جراحة الزائدة الدودية، المرارة وكل انواع الفتاق" وفق شويار. ويؤكد انه بدأ في اعتماد هذه العمليات منذ العام 2007 "وكنت من الاوائل في اوروبا والعالم أجمع"، كما يشرح لـ"النهار".
"فخور بلبنانيتي"
والدكتور يحشوشي من عين الرمانة، غادر لبنان منذ 25 عاماً، ككثير من الطاقات الشابة التي كانت الحرب وذيولها سبباً للابتعاد من الوطن. ذكريات كثيرة تجمعه بلبنان، "بعضها مؤلم وبعضها شفاف ومليء بالفرح والبسمة". شهد على بداية الحرب اللبنانية العام 1975 "التي بدأت على بعد أمتار قليلة من بيتي". لكن بعد انقطاع دام نحو 20 عاماً، "بدأت في السنين القليلة الماضية أعود أكثر فأكثر الى الجذور. أعود في شكل متقطع من اجل اجراء محاضرات ومؤتمرات طبية في لبنان وفي الشرق الاوسط عموماً".
ومع انه بدّل اسمه من يحشوشي الى شويار من اجل تسهيل عمله بعد حصوله على الجنسية الفرنسية، لكنه يشدد على فخره "باسمي اللبناني على قدر فخري بجنسيتي الفرنسية وباسمي الفرنسي. فإذا كان لبنان أعطاني الحياة، فإن فرنسا أعطتني الطمأنينة والعلم كما الاعتبار والتقدم نحو المستقبل. لكن أملي كبير في ان يكون لبنان على الطريق الصحيح نحو السلام والازدهار الحقيقيين، خصوصاً من الناحيتين العلمية والاقتصادية".
مشكلات عدة
هذه العودة المتقطعة الى الجذور، جعلت الدكتور يحشوشي يتواصل مع الجامعات اللبنانية التي تدرّس الطب، وتحديداً اللبنانية والقديس يوسف والبلمند، "خصوصاً في مجال التعليم للأطباء المتدرجين الذين يزوروني في مستشفاي (1300 سرير في جامعة فرساي في ضاحية باريس). كما ان مستشفاي مفتوح ايضاً امام جميع المرضى اللبنانيين خصوصاً والعرب عموماً، علماً اننا متخصصون بجراحة السرطانات المنتشرة، جراحة المعدة والامعاء، جراحة السمنة، التجميل والحوض".
ويرى ان الطب في لبنان متقدم عموماً، "لكنه يعاني مشكلات عدة ابرزها الكم الهائل من الاطباء والجامعات التي تفوق حاجة البلد، لذا نرى الهجرة تتكاثر وتتفاقم، ضعف الماديات والضمان الصحي الذي يؤدي الى الاهمال، عدم وجود سياسة صحية واضحة وشاملة (معالجة الامراض الوراثية، البحث عن السرطانات...)، عدم تعاون الاطباء مع بعضهم وروح التنافس القاتلة احياناً، عدم وجود دور واضح لطبيب العائلة او الطب العام. اما من ناحية الجراحة فهي متقدمة، نظراً الى الاتصال التام والمتكامل بين المستشفيات اللبنانية وأكبر مستشفيات العالم". وخير دليل على ذلك، ان جمعية iNOELS التي يرأسها مقرها في الشرق الاوسط في بيروت، وتتعاون كثيراً مع العديد من الجراحين اللبنانيين في مستشفيات عدة.